تقرير: آثار الجوع على أطفال اليمن ستستمر لـ20 عاما حتى لو توقفت الحرب

ساقت صحيفة إندبندنت البريطانية أرقاما توضح تفاقم المأساة الإنسانية التي يعيشها سكان اليمن، نقلا عن تقرير “لجنة الإنقاذ الدولية”، الذي أكد أن “اليمن الآن موطن لأكبر عدد من السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في العالم”.
وكشف التقرير، المعنون بـ”الحرب دمرت أحلامنا”، أن 80% من عدد سكان اليمن البالغ 24 مليونا يواجهون نقصا شديدا في الغذاء ويعيشون على حافة المجاعة، وعلى رأسهم الأطفال. وأنه حتى لو انتهت الحرب اليوم فإن أطفال اليمن سيحتاجون عقدين من الزمن كي يصلوا إلى مستوى أقل من سوء التغذية الذي عانوه قبل النزاع.
ومعلوم أن سوء التغذية يؤثر بشكل سلبي على نمو الأطفال جسميا وذهنيا، فبالإضافة إلى تأثيرها على نمو الجسم، وتسببها في نقص الوزن وانخفاض مستوى النشاط الجسماني والعمى وضعف المقاومة للأمراض وزيادة التعرض لها والعديد من الأمراض المزمنة وزيادة معدلات الوفيات.. فإن أخطر تجلياتها ترتبط بإعاقة النمو الذهني للأطفال، حيث يقلل من إنتاج الخلايا ويؤثر على العمليات الكيميائية المعقدة للدماغ، وهي آثار غالبا ما يصعب الشفاء منها. فكم يحتاج بلد خارج من الحرب هذه سمات أطفاله من الوقت كي يستعيد عافيته؟
إن هذه الآثار الإنسانية المرتبطة بالتغذية جزء من المخلفات غير المباشرة للحروب، بسبب جشع الدول المستكبرة عالميا، وعدم منح الأولوية للمصلحة العامة للبلد، وتشبث الحاكمين بعروش هم مستأمنون من خلالها على أرواح العباد وصيانة البلاد محليا.. حروب يستفيد منها أطراف كبار وتؤدي ثمنها الدولة برمتها؛ فمن جهة هناك الدمار الشامل للبنيات الضرورية من مساكن ومستشفيات ومدارس… ومن جهة ثانية سرقة الموارد الطبيعية للبلدان والسطو على مقدراتها المادية والمعنوية، ومن جهة ثالثة قتل أعداد كبيرة من المدنيين – بمن فيهم الأطفال والنساء والشيوخ – وتشريد آخرين ومحاصرة الباقين في رقع جغرافية تفتقر لمقومات الحياة الضرورية من أكل وسكن وماء وتطبيب.. دمار شامل ومآسي يصعب ترميمها.
هي آثار تعيش دول عربية كثيرة مآسيها، وستبقى، ما لم يتم إخضاع الحروب إلى منطق أخلاقي، يعتبر من أحد ميزات الدين الإسلامي، آخر الأديان المتّسم بالإصلاح العام لأوضاع البشر، ومنها مسألة الحرب التي حفها بالرحمة والإحسان في جميع تفاصيلها، وقيدها بقوانين هي خلاصة العدل، فحرم التعذيب والتشويه وأوصى بالأسرى خيرا، ونهى عن قتل النساء والصبيان والشيوخ والقعدة والرهبان المنقطعين في الصوامع، ونهى عن عقر الحيوان المنتفع به وإتلاف الزرع وإحراق الأشجار وقطعها.. أخلاق جمعتها وصية سيدنا أبي بكر الصديق لجنود الإسلام قبل فتح بلاد الشام، سنة 12 هجرية، قال فيها:
يا أيها الناس، قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمَأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع؛ فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له..