السعدية قاصد… سلام إلى من سبق

نشتاق إلى وجوه فقدناها، عشنا معها حلاوة اللقاء وتقاسمنا هموم الدعوة والآمال والآلام، التقينا على الله الأحد، ونهلنا من معين الصحبة الدالة على الله والجماعة الجامعة الموحدة للجهود، المنهضة للهمم، الموقدة لفتيل المحبة الخالدة في الله.
نشتاق إلى أحباب لنا سبقونا إلى الدار الآخرة بعد أن خرجوا من سجن الدنيا إلى سعة الدار الباقية، سبقونا وقد أمضوا حياتهم في الدعوة إلى الله والاجتماع على هموم الأمة والتخطيط لغد انعتاقها.
فارقونا بعد أن جمعتنا ساحات النضال في الجامعة ومدرجات الأنشطة العلمية الراقية، ومجالس الاجتماع على الله.
فارقونا وقد توطدت بيننا المحبة الخالصة في الله الذي ألف بين قلوبنا وصرنا بنعمته إخوانا.
فارقونا وسمتهم الطاهر لا يفارقنا ووجوههم المستبشرة الراضية لا تزال منطبعة في شغاف قلوبنا.
فارقونا بعد أن رسخوا فينا معاني لا تمحوها الأيام، ونقشوا في صفحات قلوبنا حروفا رعاها الديان، فتحولت في موكب نوراني إلى قناعات راسخة وتصورات راقية.
فارقونا بعد أن علمونا الأدب والذوق، ومعاني التضحية والجهاد.
فارقونا بعد أن علمونا بالقول والفعل كيف نتأدب مع المصحوب، وكيف نعيش معاني القرب، وكيف نترجم أصول المنهاج إلى عمل، كيف نحول القواعد إلى كدح لنصرة الدين، في تكامل بين طلب الكمال العلمي والتربوي والأخلاقي والجهادي دون إغفال كمال الوظيفة التي خلقنا الله الوهاب لأدائها.
اشتقنا إليك أختي السعدية قاصد، وكفاك فخرا أن لك من اسمك نصيب، فأنت السعادة بابتسامتك التي تنثر بين من عرفك السعادة، وأنت القصد في التنظير والعمل، والقصد في السير القاصد إلى الله.
رحمك الله رحمة واسعة، ومن سبق ومن لحق ومن سيلحق بركب لقاء الأحبة.
ولما كانت برازخ الموت لا تمنع الوصال، فاذكري عنا أننا على العهد باقيات، وعلى مائدة العدل والإحسان ملتفات، عسانا نلقى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم غير مغيرات ولا مبدلات، وإن سئلنا فيم انصرمت منكن الأعمار قلنا: استجبنا لله وللرسول لما دعانا لما يحييناـ واستجبنا لداعي من جمعنا على الله حين أوصانا 2 :
فَيَا أُخْتُ لَا تَفْزَعِي أَنْ أَتَى *** نَذِيرُ الرَّحِيلِ مِنَ الْمَحْبِسِ إِلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ فَاسْعَيْ كَمَا *** سَعَى الْمُومِنَاتُ وَلَا تُبْلِسِي أَلاَ فَامْتَطِي هِمَّةَ الصَّالِحَاتِ *** طُمُوحاً إِلَى الْمَقْعَدِ الْأَقْدَسِ أَلَا فَاشْمَخِي فِي الذُّرَى الْعَالِيَاتِ *** وَلَا تَسْتَكِينِي وَلَا تَخْنَسِي